جُرِدت ملامِحنا.. وأُطلِق أولُ عيارٍ في تاريخِ الثورةِ...
ذهب ذلك الصمتُ.. غابت تلك الذليلة.. وكسر ما تبقى من بؤس
تلاشينا وتلاشا ما تبقى.. انتهت العبارات بجل وأعظم كلمات الشكر..
وكأن ابنهم لم يغتصب فتاتتنا وكأن أباهم لم يعنف أبنائنا.. فقط انتهت!
تناسينا أو ربما حقاً قد نسينا حقنا بالوجود.. في اكتساب كرامتنا في استرداد حقنا.. وتهاوننا بما تبقى
نسينا موقع كلمة 'مسئول' من المشتقات.. ووهبناها عظمةَ الفاعلِ ورهبته..
تركنا ورائنا من تسلط.. من سرق.. من نهب ومن استغنى، وحاربنا ذلك العشريني..
فحقاً! لم سنقف خلف شابٍ رفضَ الخضوع لمستوطنٍ.. لغازي!!
لِمَ نكتُب؟ لِمَ أكتُب؟ ولِما كتبت؟
ربما لأنني لستُ بقادرٍ على تغيير شيء.. على أن أحاربَ.. أن أدافعَ أو حتى أن أكون.. ربما الآن لا أملك سوى الكلمات.
من أين أبدء قصتي؟ ومن أين أنهيها!
في الواقع أنا لا أعلم.. لا أعلم ولم أعلم في حياتي قط كيف تكونُ النهايات.. البدايات.. كيف تكون الأمور وكيف تَمْثُلُ الأحداث.
نسخر من العربيةِ ونُحَقِرُ ذويها ونُمجِدَ من خالف ذلك!
كيف لعربيٍ أن يجهر بأن العربية والعرب هم أحقر الأمم!؟ كيف لمن حقر أمته وكنى نفسه بكنايةِ أمةٍ وطائفةٍ ومذهبٍ آخر أن تشعر ذاته بالراحة والرضى..نعم! إنه صحيح! تباهت تلك الطوائف.. تلك الأمم بما قد تفوهت أنت..!
لكن لم يتباهوا بك.. لم يتباهوا بأنك أصبحت منهم "كما في مخيلتك".. لأنهم لن يقبلوا بك بينهم.
لم استغربت؟! أظننت أن من يسفك دمك.. من تنازلت له عن أرضك.. عن حقك.. عن روحك، سيعامِلُكَ بأحرِ مودةٍ.. يستقبلك بالقبلات وأسمى معاني الديمقراطية التي يتغنى بها!؟
سذاجة شعوبنا.. بساطة أفكارهم والفجوة العميقة والواسعة في أساس عقيدتهم هي منبع الخلل ومصدر الهشاشة الرئيس في عدم القدرة على تحقيق السيادة!
كيف لك أن تنادي بديمقراطيةٍ تفرضها بقوةٍ في بلادي.. على أرضي وأنت تنافيها.. تطبق معظم ما يخالفها!
عادةً أو ربما دوماً ما نفخرُ بأننا على صواب وأننا عليمونَ بكلِ شيءٍ.. أننا فلاطحة الحاضر وعباقرة المستقبل..
لا يخفى عن عقولنا شيء ولا يغيب عن قلوبنا حس الحقيقةِ أو الإيقان!
لا نتردد في إطلاق 'الفتاوي' أو الإفصاح عما في داخلنا! نخجل من أن نسأل وأن نكتسب الخبرة الحقيقية أكثر من خجلنا حين نكذب في القول أو نصدر حكماً خاطئاً في أمرٍ دون علم!
نُقَدِسُ من يواسينا بكلماته المشبعة بالأحرف المُجامِلة.. والمصيبة أننا نتوهم في أنفسنا ما قيل ونصدق! ونُكمِل! لا نرى الحقيقة! متى سنفيق! متى سنحيا!
نحيا؟ أجل نحيا! ما الفائدة من أجسادٍ بالية.. مكومة.. لا قيمة لها!
هناك من يقود الآلاف منها.. من يحتكمها ويسيطر عليها بجبروت طاغية..
ما الصعب في أن تقرر أنك ستكون.. ستعمل.. ستخلق ذاتك من جديد.. ستلقي ماضيك حيثما تُرِكْ.. ستكتسب الدروس من حاضرك وتؤمن بأن القادم أعظم! أنك عظيم! وأنك قادر!
لم لا ترى في نفسك تلك القدرة العظيمة على أن تكون من أعظم المُكتسبين.. المتعلمين.. على أن أن تخلق واقعك وتقرر مصيرك!
ما الفائدة من كلماتٍ.. علمٍ.. رسالةٍ.. من مبدءٍ وحامله إن لم يُبَلِغَهٌ للعالمِ بأسرِه.. إن لم يحاول التغيير! وإحداث فرق!
أنظر وتمعن في عظمةِ عقلك.. في أعظم تكنولوجيا وجِدت..على هذا التركيب المعقد وفائق العبقرية الذي عادةً ما نتجاهله.. ولا نيقن أن صانعوا الحاضر والقادم يبذلون فائق الجهد في محاولة محاكاتها أو حتى تقليدها.
أنت من يصنع ذاتك.. أنت خالق ما ستكون..
لا بد من أن تثبت لروحك مدى عظمة هذا النسيج.. وللخالق ما هنالك من روعة في استغلالك لما مُنِحت.